- مراجعة كتاب التوت المر
-

- التوت المر ، مفارقة عجيبة يضعها الكاتب في العنوان ، فالمعروف على التوت انه من ألذ و أحلى الفواكه ، لكن كيف يكون مرا؟ و المرارة هي ما لا يستساغ و ما لا قبل للمتذوق به فكيف لآكل توت ان يتحمل مرارته؟ الاحالة من العنوان تجذبنا لنتذوق بدورنا توتا مرا و نعيش حكايات الشخصيات كأننا في ذلك الزمن الذي دارت فيه الاحداث.
- يبدأ الكاتب بتحضرينا و تجهيزنا لصلب الحكاية بمدنا بمعطيات عن الشخصيات في الجزء الاول و يصور لنا بعضا من المرارة التي جسدها العنوان ، فالغربة عن الاوطان مرارة لا تمحوها السنين حتى و إن تموضع الشخص و تأقلم داخل المجتمع المضيف تبقى الغربة تؤرقه و يبقى هاجس العودة الى موطنه الأم يراود تفكيره .
- منذ البداية يبدأ الكاتب في طرح مواضيع اجتماعية على القارئ كي يفكر فيها ، فعائلة الحاج عثمان نموذج اجتماعي للعائلة الشريدة التي جنت عليها الحرب و الظروف. و لتقديم الشخصيات الرئيسة للرواية ، اخذنا المطوي في رحلة الى الجنوب التونسي حيث يختلط التونسي المولد بالليبي الاصل ليكونا مجتمعا مختلطا صغيرا ، فيه من علاقات التصاهر و الاخوة ما فيه. و من ثم ينطلق بنا الى قضاياه التي سيعمل عليها في كامل الرواية.
- هاهو الحاج عثمان ، ابنته المعينة الوحيدة له و اختها الكسيحة التي تزور ابنة الجيران. و الجار الجيد و زوجته و ابنته الصديقة الوفية فاطمة و ابراهيم البطل الذي ستكون رحلتنا معه ، سنجده مشاركا في الاحداث في كل الفصول.
- اعتمد في تصوير الشخصيات على الحضور القوي و الحضور الباهت ، فشخصية كمبروكة كان حضورها فقط في اول الحكاية ، و لكن هناك حضور مميز لشخص عائشة رغم انها لم تشارك في الاحداث ، شخصية رئيسة دون احداث منجزة ، فوجودها كان وجودا روحيا ، حيث منذ أن رآها ابراهيم اصبحت ترافقه أينما ذهب و حل.
- المكان مكان حميم نوعا ما لان القرية تتميز بودية العلاقات و قرب الشخصيات من بعضها و توددها لبعضها ، فالجار يزور جاره و يعينه و يحنو الغني فيهم على الفقير. و من ثم انتقل الى القضية الشائكة التى ارقت مجتمع تلك الفترة من الزمن ، زمن الحرب فالشبان يعانون من اشكال غيابهم عن الوعي بسبب المستعمر الذي بث فيهم سما كان لابد من التخلص منه ، و في خضم ذلك عرج على مجالس الصداقة و مقالب الاصدقاء ، ثم على المنافسة بين الباعة ، باختصار صور لنا حياة المجتمع التونسي زمن الاستعمار أفضل تصوير.
- العلاقات هي اكثر ما ركز عليه الكاتب ، فمثلا كانت أم البطل تحنو على عائشة الكسيحة وتقربها لها عندما كانت جارة فقط و عند تحول العلاقة من جارة الى محبوبة ابنها البكر اصبحت تكرهها و حتى انها غادرت منزل العائلة لما تزوج ابراهيم منها.
- التكروري القضية الشائكة التى من خلالها سيطر المستعمر على عقول الشباب الذي من المفروض عليه مقاومة الآفة الكبرى و ابناؤها او مخلفاتها ، فتجده يعاني من هلوسات الحشيشة و لا يلتفت لقضيته المركزية.
- اتى العروسي المطوي في 214 صفحة عدد صفحات روايته على عديد القضايا و كلها مرة مرارة الحنظل ، و لكنه في الاخير فاجئنا بنهاية غير متوقعة ليعود بنا الى عنوانه الاول التوت المر . البنت الجميلة التى حازت على قلب ابراهيم و كانت علاقته بها مرا لامه و له عادت في الاخير الى حلاوتها الاولى و صبغت المرارة بمولود و بخبر انعتاق رجليها من الاعاقة .
-
- كتاب يستحق أربع نجمات ، و كاتب اتى على جل المواضيع المطروحة في تلك الفترة ، أنصح به كل من يريد ان يبدأ مشوارا في القراءة
- _______________________________________
- بلال عرباوي 2018/05/22

تعليقات
إرسال تعليق