التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رقم وحدتي

رقم وحدتي


كل أرقام هاتفي لا أحتاجها 
حتى أنني لم أسجلها من جديد 
لا أعرف متى رن آخر مرة 
ليخبرني أنه مازال هناك صديق قديم
لم أعد أهتم لذلك كثيرا 
واجتاحني برود عظيم 
لا أحفل بتسرب الأيام بين أصابعي 
اعتدت الوحدة واعتادتني 
أصبحنا رفيقان لا يفترقان
أنام ليلا متدثرا بها 
وتبقى أعينها ساهرة تحرسني
وما أن أفتح جفناي تتلقفني بلهفة المشتاق إلي

لم أعد أكترث للعالم الخارجي 
ضجيجه يزعج صفو صديقتي 
ربما يزعجني أنا نفسي ولكني أتهم صديقتي الوحيدة به 
لا تهتموا لمن انزعج فعلا 
فنحن أصبحنا شريكان 
ولا يضير أن ينزعج أحدنا لانزعاج الآخر

في هاتفي لم أسجل أرقاما كثيرة 
عرفت بعد سبعة وعشرين عاما أنني لن أستحق كل هؤلاء 
لذلك خففت من حشو أجندتي دون جدوى
أظن أن سنتا الصبر مع الوحدة  قد أنضجتاني

في بعض الأحيان يرق قلبي 
ويتشوق لصوت كان يرافقني منذ أعوام 
لمحادثة بطعم الصغر 
أو مشاكسات الأطفال 
ثم أفيق من منامي لأجد وحدتي تنتظرني على أحر من الجمر
أبتسم لها علامة اعتذار 
وأنغمس فيها كما عادتي

لا تهتموا
فقد كنت أتغزل بصديقتي الجديدة 
وأبارك وجودها عند رأسي
أما الهاتف فقد غيرت الشريحة 
وسجلت فقط رقم وحدتي.
________________________________________________بلال عرباوي ٢٠٢٠/٠٧/٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام

  مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام هكذا يرى البعض، يرى أن الود يبقى قائما كما البداية وحرارة المشاعر تبقى كما نشأت أول مرة، يرى أن الأيام تمسح على رؤوسنا دون أن تحدث في روابط علاقتنا شروخا أو كسورا مستدامة.  ولكن هل فعلا يبقى الود كما نشأ؟  القلوب هذه المضغ المتقلبة التي يدعو البشر ربه ليثبتها على دينه هل تراها تبقى بذات حرارتها تجاه البشر؟ هل تراها تبقى بعنفوان محبتها وقوة ارتباطها وهي التي تتقبل ضربات الأيام المتتالية وهزائمها المتكررة وتنزف في صمت حين تكسرها الخطوب وتبكي دون دموع حين تعضها المشاكل فهل تبقى كما كانت؟  البشري هو الكائن الوحيد الذي يقدر على محو علاقاته واعادة بنائها، هو الكائن الوحيد الذي يحبك اليوم ولكن حين تنطفئ حرارة حبه يستلك من جراب فؤاده ويلقيك لسلة الأيام ولا تبقى غير صور وأقوال يتذكر بها وجودك أما الحب فتطمره اللامبالاة والخيانة والبرود والكذب وغيرها ويتحول شيئا فشيئا لغبار ذكرى وأشرطة صور مخزنة في رفوف قصية. ستعركنا الأيام، نتغير مع كل حادث يجد في حياتنا، مع كل ضربة جديدة في قلوبنا نسلخ معها جلدنا القديم لنكون أقوى ولكننا في تغييرنا هذا ننزع عنا...

في مواجهة نفسي

  في مواجهة نفسي تتساءل صديقة افتراضية ماذا لو التقيت نفسك ماذا ستفعل أو ستقول؟ في البداية أجبتها مازحا "حتى ألقاها وسأعلمك بما دار بيننا" ولكنها لم تكتف باجابة عادية أرادت إجابة كاتب وخاطبت الخيال فيّ، "أنت مبدع ألك أن تتخيل اللقاء أم أنك مشغول؟" لم يكن السؤال في البداية محركا أو قادحا لملكة الكتابة عندي ولكن عندما مسكت قلمي ودفتري قفز أمامي من جديد وسألت نفسي ماذا لو التقيت بي؟ هل تتخيلون معي؟! أنتم وأنفسكم وجها لوجه، وكأنكم تواجهون مرايا الحائط، تقفون بانبهار امام ذلك الشخص الذي هو أنتم وتحاورونه وتحاججونه، هذا ما ذهب إليه تفكيري. أن تتعرى أمام نفسك دون نزع ملابسك، أن تكون شفافا، أن تراقب خلجاتك تدور في جسدك.. أليس هذا شعورا رائعا؟! ماذا ستقول لنفسك أم أنك ستبقى صامتا أمام هذا المشهد المهيب؟ في الحقيقة عبث بي السؤال، هل يقدر أي شخص أن يواجه نفسه بضحكاته وفرحه، بحزنه وانكساراته؟ أن تمرر يدك على تلك الأقطاب وجروح الزمن الغادر وأن ترى نزف روحك، أن تمد يدك لتقطف ذكرى رائعة وترسم بها ضحكة على محياك ولكنها تتسرب بين أصابعك لتعيدك للواقع. كل هذا ليس هيّنا، كل هذا ...

القدوة الحسنة والشهرة السريعة

  القدوة الحسنة والشهرة السريعة ١٠٠ ألف منقطع عن التعليم في تونس سنويا رقم مفزع إذا ما قرن بأسباب أخرى ومنها خاصة غياب الطموح الدراسي والنظرة السوداوية للشهادات العلمية التي أصبحت عبئا على حاملها ومنه انطلق الشباب في تحصيل الشهرة والاقتداء بعالم الافتراضيين الشاسع.   إن التطور السريع للعالم وخاصة التكنولوجي منه جعل من طريق الشهرة طريقا قصيرا واستسهله الجميع لبلوغ الأضواء الساطعة والبرهجة اللامعة وهذا ما أثر على الجيل الصاعد الذي رأى فيها طريقا مختصرة وهدفا سريع التحقق على عكس الارتقاء العلمي والنبوغ الفكري ولئن كان الإبداع ضرورة ثقافية وحضارية فإن تتفيهه وترذيله يعبر عن ثقافة منتكسة وقاصرة عن انتاج القيمة.  في تونس الحرية انتشرت الوسائط الاجتماعية بعد ملحمة ٢٠١١ لينعم الشعب بحرية تامة جسدتها طفرة في الانتاج الفني واكتساح عالم اليوتوبرز والمدونين والفنانين للمجال الثقافي وبما أن هذه المنصات سريعة الانتشار كان بروزهم صاروخيا وشهرتهم واسعة مما حدى بالجيل الأقل سنا تتبع خطواتهم وجعلهم قدوات ومقامات يريدون وصولها ومما زادة في الطينة بلة أن الدولة لم توفر لهذا الجيل أي أفق للدر...