كلمات أولى
لمّا خططت أولى كلماتي
لم أكن أعرف أن هذا الفيض سيربو
كنت وقتها محموما
وكان الشتاء قارص البرودة
كنت أخطط لكتابة اعتراف موقع بأحرف اسمها
ولم أكن أدري أنه صنف من أصناف البلاغة
ولما خفتت الحمى
وانجلى ذلك الأثر العميق للصقيع في داخلي
ولم يبق غير وعيي وحيدا مع الظلام
افتكرت صورة أخرى
لمعت كالشمس حين اشراقها
كتبت بيتا وثانيا وأردفت الثالث حتى العشرين
انساب مني الشعر كدفق عين عصا موسى حين انفلاقها
لمّا كتبت أولى كلماتي
كان الفصل شتاء
وكنت كزمهرير مستفحل الحرارة
جذبني مغناطيس خفي للغوص في ثنايا الأبيات
ولما استفقت من انبهاري
وجدت نفسي منساقا وراء تجويد ما اكتب
كان الفصل شتاء
وكان جوعي للذة السحرية كبيرا
أصبحت شرها كأسد بقي أعواما دون اكتفاء
وحين انطلق في البراري استيقظت فيه غريزة التلذذ بالدماء الطازجة
لمّا كتبت أولى كلماتي
تركتها في ركن مظلم حتى تتخمر
ولم أعرضها للضو خشية أن تحترق
نحت من جميلة أسرتني منحوتة من شمع
وخفت إن قدمتها للشمس أن تسيل قطرات دامعة
حين كتبت أولى كلماتي
حسبت أنني أفرغ جرابا واحدا وينتهي تدفقي
والآن أنا أنهمر كلما امتلأت
وينز قلبي رذاذا مسكرا
ويشع مني نور كلمة ساحرة
حين كتبت أولى كلماتي
كنت أستعرض عضلاتي اللغوية
والآن أنا أبحث عن من يسندي كي لا أخطأ
حين كتبت أولى كلماتي
لم أكن أعرف أني أصبت بلعنة دائمة
والآن أنا أتلذذ دفقها في قلبي
وأرجوها أن تزيد حقناتها
_______________________________________________
بلال عرباوي ٢٠٢٠/٠٨/١٧
تعليقات
إرسال تعليق