التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حرية التعبير، كل لا يجتزأ

حرية التعبير، كل لا يجتزأ

حرية التعبير، كل لا يتجزأ



اذا لنلخص في هذا الموضوع، ورغم أنني لم أشأ أن أكتب فيه، فلطفي العبدلي معروف ببذاءة أسلوبه وكلامه المقزز ولا يستحق من أحد أن يدافع عنه، فلسانه أطول من كل من يكتب، لكن المستفز في الأمر أن هناك من يصنف في حرية التعبير، هذا حرية تعبير وذلك اسفاف مع أن الأول أقذر بكثير. 

وجدته منذ أيام يدافع عن تلك البنت التي اختنقت من تونس فأرادت أن تغادرها بأيسر طريقة ممكنة، هات سأخوض في معتقد هذا الشعب الذي بقي محافظا بعد كل تلك القذائف التي شنوها تجاهه من تخلف ورجعية وظلامية وغيرها وكل من دافع عن معتقداته وحياته الدينية التي لا يقبل فيها مساسا أرجعوه بحقد أعمى وبرؤية مظلمة نهضاويا وكأن النهضة تحتكر الإسلام، وسأكون جاهزة بعدها للانطلاق في رحاب أوروبا وأمريكا دون قيود. فأنا دون كيشوت تونس الآن والكل يحاربني ويقمع صوتي من الحرية. 

ولم تبتعد الحكاية كثيرا، وأتى حديث "الكلصون" للعبدلي الذي لم يستثن أي من سياسيي تونس بالتهكم والسخرية، ثم إنه مسرحي بذيء الكلام كما قلنا يشترط عليك لدخول مسرحياته أن تتقبل أولا ما يكتبه من بذاءة والا فأنت غير مطالب بدخول عروضه كي لا تجرح مشاعرك الحساسة والمرهفة، ويخرج أحد الجمهور مقطعا من المسرحية تنتقد عبير موسي فتقوم القيامة ويعتبر صديقنا ذلك أنها ليست حرية تعبير وانه مساس من المرأة. 

اننا في تونس أصبحنا نقسم الحرية حسب ما تهوى نفوسنا، فان كانت تعبر عن ايدولوجيتنا رحبنا بها أو اتهمناها بالاسفاف والبذاءة ونعلق عليها شماعة المساس من المرأة،  هذا الهاجس الذي أصبح يؤرق الشعب، وأصبحت المرأة صناما معبودا( طبعا أنا ضد أن ننزل بالمستوى لحد البذاءة ولكني ضد تأليه المرأة أيضا) وحتى أنها أصبحت مقدمة على القرآن العظيم، فالخوض فيه حرية تعبير أما الحديث عن جزء من ملابسها فيصبح تعد. 

أيها الأدعياء المتهافتون، لطفي العبدلي بضاعتكم التي ردت إليك، أنتم صمتتم عن تعريضه بالكل فلا تلومه الآن. 
أيها الأدعياء المتهافتون، الحرية كل لا يتجزأ حسب الأهواء فإما حرية كاملة أو عود للدكتاتورية 
أيها الأدعياء المتهافتون، الحرية لا تحتاج أصناما لتعبد، وإلا أصبحت عبودية. 

كفاكم كذبا وبهتانا، ودافعوا عن الحرية ككل، أو اصمتوا ثكلتكم أمهاتكم. 
#مواطنون_أحرار_لا_عباد_أصنام

________________________________________________
بلال عرباوي 2020/08/05

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام

  مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام هكذا يرى البعض، يرى أن الود يبقى قائما كما البداية وحرارة المشاعر تبقى كما نشأت أول مرة، يرى أن الأيام تمسح على رؤوسنا دون أن تحدث في روابط علاقتنا شروخا أو كسورا مستدامة.  ولكن هل فعلا يبقى الود كما نشأ؟  القلوب هذه المضغ المتقلبة التي يدعو البشر ربه ليثبتها على دينه هل تراها تبقى بذات حرارتها تجاه البشر؟ هل تراها تبقى بعنفوان محبتها وقوة ارتباطها وهي التي تتقبل ضربات الأيام المتتالية وهزائمها المتكررة وتنزف في صمت حين تكسرها الخطوب وتبكي دون دموع حين تعضها المشاكل فهل تبقى كما كانت؟  البشري هو الكائن الوحيد الذي يقدر على محو علاقاته واعادة بنائها، هو الكائن الوحيد الذي يحبك اليوم ولكن حين تنطفئ حرارة حبه يستلك من جراب فؤاده ويلقيك لسلة الأيام ولا تبقى غير صور وأقوال يتذكر بها وجودك أما الحب فتطمره اللامبالاة والخيانة والبرود والكذب وغيرها ويتحول شيئا فشيئا لغبار ذكرى وأشرطة صور مخزنة في رفوف قصية. ستعركنا الأيام، نتغير مع كل حادث يجد في حياتنا، مع كل ضربة جديدة في قلوبنا نسلخ معها جلدنا القديم لنكون أقوى ولكننا في تغييرنا هذا ننزع عنا...

في مواجهة نفسي

  في مواجهة نفسي تتساءل صديقة افتراضية ماذا لو التقيت نفسك ماذا ستفعل أو ستقول؟ في البداية أجبتها مازحا "حتى ألقاها وسأعلمك بما دار بيننا" ولكنها لم تكتف باجابة عادية أرادت إجابة كاتب وخاطبت الخيال فيّ، "أنت مبدع ألك أن تتخيل اللقاء أم أنك مشغول؟" لم يكن السؤال في البداية محركا أو قادحا لملكة الكتابة عندي ولكن عندما مسكت قلمي ودفتري قفز أمامي من جديد وسألت نفسي ماذا لو التقيت بي؟ هل تتخيلون معي؟! أنتم وأنفسكم وجها لوجه، وكأنكم تواجهون مرايا الحائط، تقفون بانبهار امام ذلك الشخص الذي هو أنتم وتحاورونه وتحاججونه، هذا ما ذهب إليه تفكيري. أن تتعرى أمام نفسك دون نزع ملابسك، أن تكون شفافا، أن تراقب خلجاتك تدور في جسدك.. أليس هذا شعورا رائعا؟! ماذا ستقول لنفسك أم أنك ستبقى صامتا أمام هذا المشهد المهيب؟ في الحقيقة عبث بي السؤال، هل يقدر أي شخص أن يواجه نفسه بضحكاته وفرحه، بحزنه وانكساراته؟ أن تمرر يدك على تلك الأقطاب وجروح الزمن الغادر وأن ترى نزف روحك، أن تمد يدك لتقطف ذكرى رائعة وترسم بها ضحكة على محياك ولكنها تتسرب بين أصابعك لتعيدك للواقع. كل هذا ليس هيّنا، كل هذا ...

القدوة الحسنة والشهرة السريعة

  القدوة الحسنة والشهرة السريعة ١٠٠ ألف منقطع عن التعليم في تونس سنويا رقم مفزع إذا ما قرن بأسباب أخرى ومنها خاصة غياب الطموح الدراسي والنظرة السوداوية للشهادات العلمية التي أصبحت عبئا على حاملها ومنه انطلق الشباب في تحصيل الشهرة والاقتداء بعالم الافتراضيين الشاسع.   إن التطور السريع للعالم وخاصة التكنولوجي منه جعل من طريق الشهرة طريقا قصيرا واستسهله الجميع لبلوغ الأضواء الساطعة والبرهجة اللامعة وهذا ما أثر على الجيل الصاعد الذي رأى فيها طريقا مختصرة وهدفا سريع التحقق على عكس الارتقاء العلمي والنبوغ الفكري ولئن كان الإبداع ضرورة ثقافية وحضارية فإن تتفيهه وترذيله يعبر عن ثقافة منتكسة وقاصرة عن انتاج القيمة.  في تونس الحرية انتشرت الوسائط الاجتماعية بعد ملحمة ٢٠١١ لينعم الشعب بحرية تامة جسدتها طفرة في الانتاج الفني واكتساح عالم اليوتوبرز والمدونين والفنانين للمجال الثقافي وبما أن هذه المنصات سريعة الانتشار كان بروزهم صاروخيا وشهرتهم واسعة مما حدى بالجيل الأقل سنا تتبع خطواتهم وجعلهم قدوات ومقامات يريدون وصولها ومما زادة في الطينة بلة أن الدولة لم توفر لهذا الجيل أي أفق للدر...