التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طائر صغير

 طائر صغير


طائر صغير



هذه الليلة مفعم أنا برغبة شديدة في البوح

قلبي يخفق كجناحي طائر صغير يتعلم الرفرفة لأول مرة

أحاول أن لا أقع في الجرف الذي أحدث بين أضلاعي

كي لا يأكلني وحش الظلام الجشع

انه يتربص بي عند ناصية السقوط 

يريد أن يجرب مذاقي بعد أن نبت ريشي الجميل

جناحيّ يصارعان للصمود وحمل وزني المثقل بالهروب

ألتفت لعشي الذي غادرته طوعا

أرى العودة لمنطقة الراحة صار مستحيلا 

في الوراء ضفة لا رغبة لي في معانقتها مرة أخرى

قصصت حبلها السري ودفنت سرتها في هاوية سحيقة


الآن أنا انسان جديد 

يناضل من أجل طريق شيّد بداياته بكثير من الصبر والمعاناة

لا يحب أن ينزع فأسه ومعوله من يده 

رفشي الذي كسرت يده عند إزاحة أكوام العقبات 

استبدلته بآخر مصنوع من صلب

لا تلينه ضربات الدهر ولا تنهكه أيام السنين

أكابد لأصنع ضوئي الذي لا ينطفأ 

وأتخلى عن شموع كثيرة فانية 

تأتي لتنير ساعة زمن 

وحين تهب ريح الصعوبات لا تلبث إلا قليلا

ثم ترخي رأسها منهكة مستسلمة 


أراود الأحلام التي أطلقت نجماتها صغيرا 

أريد أن ألتقط ذلك الخيط الذي تتركه في الفضاء

كذيل فرس جموح

أو كشريط طائرة ورقية لعب بها الأطفال وانقطع خيطها

فحلقت متباهية بجمالها وحريتها 

ناظرة لزمرة الأولاد بعين السخرية 

أشاكسها كطفلة صغيرة فقدت سنها 

أريد أن أقتلع منها كلمة بحرف السين

فتنطقها ثاء بلثغة مميزة 

أطاردها لأمسك تلابيبها 

فتنحني مراوغة ضاحكة 

وأبقى على ناصية الأرض أحدق في السماء الصافية 

لعلها تعود طائعة وتمكنني من زمامها صاغرة 


أنا الآن أتحرر كسجين فكت أغلاله 

أعانق حريتي بشغف المحبين 

أتنفس عطرها وألثم شفاهها الحلوة 

أبتسم لنفسي كالمجنون 

أحدثها عن الأيام القادمة 

تستجيب لي قريحتي الناضبة وتدر من مائها سيلانا 

وأسكب من عسلها المستساغ في أفواه الحروف العطشى 

ترقص القصيدة بين أصابعي

كبنت صغيرة طائشة 

أحاول كبت جماحها فتنفلت من بين يديّ ضاحكة 

أستغرب هذا العناد المتطرف فيّ 

وأسلم لها زمام المبادرة 

وأجلس على الربوة لأرى أين ستنتهي بي هذه المغامرة 


كنت عصفورا صغيرا لا يعرف الطيران 

مزهوا بريش جناحيه الصغيرين 

يقلد رفرفة أبويه 

والآن أنا أجوب الفضاء الفسيح 

كنسمة هواء أو قطرة مطر منفلتة من سحابة عابرة 

تخففت من خوف أقام داخلي مدة 

وتحدثت بملء قلبي 

أجدت التعبير أحيانا وأخفق الكلام في الخروج أخرى

تلعثمت عديد المرات تجاه موقف 

ومن ثم أطلق عقاليّ


أنا حر وهذه صولتي 

والحروف فوارسي 

وطريقي مزال طويلا غير معبد

والارادة نابضي ومؤازري.

___________________________________________________بلال عرباوي ٢٠٢٠/١١/١٨

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام

  مهما بعدنا ما تغيرناش الأيام هكذا يرى البعض، يرى أن الود يبقى قائما كما البداية وحرارة المشاعر تبقى كما نشأت أول مرة، يرى أن الأيام تمسح على رؤوسنا دون أن تحدث في روابط علاقتنا شروخا أو كسورا مستدامة.  ولكن هل فعلا يبقى الود كما نشأ؟  القلوب هذه المضغ المتقلبة التي يدعو البشر ربه ليثبتها على دينه هل تراها تبقى بذات حرارتها تجاه البشر؟ هل تراها تبقى بعنفوان محبتها وقوة ارتباطها وهي التي تتقبل ضربات الأيام المتتالية وهزائمها المتكررة وتنزف في صمت حين تكسرها الخطوب وتبكي دون دموع حين تعضها المشاكل فهل تبقى كما كانت؟  البشري هو الكائن الوحيد الذي يقدر على محو علاقاته واعادة بنائها، هو الكائن الوحيد الذي يحبك اليوم ولكن حين تنطفئ حرارة حبه يستلك من جراب فؤاده ويلقيك لسلة الأيام ولا تبقى غير صور وأقوال يتذكر بها وجودك أما الحب فتطمره اللامبالاة والخيانة والبرود والكذب وغيرها ويتحول شيئا فشيئا لغبار ذكرى وأشرطة صور مخزنة في رفوف قصية. ستعركنا الأيام، نتغير مع كل حادث يجد في حياتنا، مع كل ضربة جديدة في قلوبنا نسلخ معها جلدنا القديم لنكون أقوى ولكننا في تغييرنا هذا ننزع عنا...

التقاط جن الكتابة

  التقاط جن الكتابة أردت أن أكتب هذه الليلة، هناك قوة تدفعني للقلم ولكنني لا أملك موضوعا لذلك، كتبت نصف قصيدة ولمّا أحسست أنني أكابد في استكمالها  ضغطت على زر الالغاء، يبدو أن الشعر أصبح عسيرا عليّ هذه المدة. لم تنصفني مشاعري منذ زمن لكتابة بيت جيّد وأرى أن معينه بدأ يجف وفرصي لكتابته تقلصت بشكل كبير.  قرأت في إحدى المرات أن التجدد هو منبع الشعر، والبقاء مسجونا بين جدران الغرف يقلل فرص كتابته فموضوعاته تتكون من مشاهدات الشاعر وبالمكوث حبيسا  في غرفتك ستذبل طاقتك الكتابية وينضب معينك الذي تنهل منه ويخبو إلهامك الذي تستدر منه الكلمات وأظن أن هذا الكلام ينطبق على حالتي الآن.  قبل قليل كنت منتش بشعور مفاجئ جعلني أمد هاتفي للامساك بتلابيبه وصبه في قصيد ولكنه لم يطاوعني وسرعان ما جافاني ليبقى أثره فقط يتردد بين قلبي وشراييني.  عادة، لا أكتب الشعر إلا حين أحس بتلك الوخزة اللذيذة تتكون في أطرافي، كتكوّن سحابة ممطرة تبدأ بالقليل القليل ثم تتجمع وتعم أرجاء السماء وحين تمتلأ بالماء تصب خزائنها على أرضي.  أما نشوتي تلك التي تعترني قبل الكتابة ولا تنتهي إلا بانتهاء...

أنا حر.. أنا حر

أنا حر.. أنا حر حين افتككنا حريتنا  ورحل الطاغية مصاص الدماء  قلنا أننا سنطير بأجنحة جديدة  وسنحلق في الفضاء دون قيود تشدنا  سنبلغ الأفق البعيد  ونلامس الغيمات بأصابعنا  ونفرد طموحاتنا على قارعة الفضاء  ونتركها تتخفف من سلاسل الجاذبية المكبلة  ستطير مبتعدة تروم نقطة اللاعودة  وسنلحق بها بنشوة غامرة  لم نفكر أن العبيد سيحنون للعصا والمطرقة لم نفكر أن اللجام عادة  وأن العادة متأصلة متجذرة حين افتككنا حريتنا ذات شتاء امتزجت دماؤنا بالدموع  ولكن الفرح قد سرى في عروقنا  ها قد هزمنا غريمنا لم نقتلع جذوره المتعفنة  وبدأنا في حراثة أرضنا  وكلما زرعنا بذرة واخضرت أوراقها  نشب من تحت التراب نابه وغرز فيها ذلك العفن  أيا شعبا ضحى بأولاده حين استكان الجميع وشهد الدماء تسيل من ذلك الصريع وبكى الأهل والرفاق بسيل من دموع  مغادرة شمعة مضيئة وحمل وديع ها قد عاد العبيد يطلبون جراء مصاص الدماء ويرفعون من قدرهم الوضيع يتسابقون بالتمسح على أعتابهم ...