طائر صغير
هذه الليلة مفعم أنا برغبة شديدة في البوح
قلبي يخفق كجناحي طائر صغير يتعلم الرفرفة لأول مرة
أحاول أن لا أقع في الجرف الذي أحدث بين أضلاعي
كي لا يأكلني وحش الظلام الجشع
انه يتربص بي عند ناصية السقوط
يريد أن يجرب مذاقي بعد أن نبت ريشي الجميل
جناحيّ يصارعان للصمود وحمل وزني المثقل بالهروب
ألتفت لعشي الذي غادرته طوعا
أرى العودة لمنطقة الراحة صار مستحيلا
في الوراء ضفة لا رغبة لي في معانقتها مرة أخرى
قصصت حبلها السري ودفنت سرتها في هاوية سحيقة
الآن أنا انسان جديد
يناضل من أجل طريق شيّد بداياته بكثير من الصبر والمعاناة
لا يحب أن ينزع فأسه ومعوله من يده
رفشي الذي كسرت يده عند إزاحة أكوام العقبات
استبدلته بآخر مصنوع من صلب
لا تلينه ضربات الدهر ولا تنهكه أيام السنين
أكابد لأصنع ضوئي الذي لا ينطفأ
وأتخلى عن شموع كثيرة فانية
تأتي لتنير ساعة زمن
وحين تهب ريح الصعوبات لا تلبث إلا قليلا
ثم ترخي رأسها منهكة مستسلمة
أراود الأحلام التي أطلقت نجماتها صغيرا
أريد أن ألتقط ذلك الخيط الذي تتركه في الفضاء
كذيل فرس جموح
أو كشريط طائرة ورقية لعب بها الأطفال وانقطع خيطها
فحلقت متباهية بجمالها وحريتها
ناظرة لزمرة الأولاد بعين السخرية
أشاكسها كطفلة صغيرة فقدت سنها
أريد أن أقتلع منها كلمة بحرف السين
فتنطقها ثاء بلثغة مميزة
أطاردها لأمسك تلابيبها
فتنحني مراوغة ضاحكة
وأبقى على ناصية الأرض أحدق في السماء الصافية
لعلها تعود طائعة وتمكنني من زمامها صاغرة
أنا الآن أتحرر كسجين فكت أغلاله
أعانق حريتي بشغف المحبين
أتنفس عطرها وألثم شفاهها الحلوة
أبتسم لنفسي كالمجنون
أحدثها عن الأيام القادمة
تستجيب لي قريحتي الناضبة وتدر من مائها سيلانا
وأسكب من عسلها المستساغ في أفواه الحروف العطشى
ترقص القصيدة بين أصابعي
كبنت صغيرة طائشة
أحاول كبت جماحها فتنفلت من بين يديّ ضاحكة
أستغرب هذا العناد المتطرف فيّ
وأسلم لها زمام المبادرة
وأجلس على الربوة لأرى أين ستنتهي بي هذه المغامرة
كنت عصفورا صغيرا لا يعرف الطيران
مزهوا بريش جناحيه الصغيرين
يقلد رفرفة أبويه
والآن أنا أجوب الفضاء الفسيح
كنسمة هواء أو قطرة مطر منفلتة من سحابة عابرة
تخففت من خوف أقام داخلي مدة
وتحدثت بملء قلبي
أجدت التعبير أحيانا وأخفق الكلام في الخروج أخرى
تلعثمت عديد المرات تجاه موقف
ومن ثم أطلق عقاليّ
أنا حر وهذه صولتي
والحروف فوارسي
وطريقي مزال طويلا غير معبد
والارادة نابضي ومؤازري.
___________________________________________________بلال عرباوي ٢٠٢٠/١١/١٨
تعليقات
إرسال تعليق