التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

ساعتها العاشرة

 ساعتها العاشرة هذا الوقت وقتها عدلت ساعتي العاشرة من الليل الطويل على ايقاعها حين تأتي ولا يأتي صوتها ويظل هاتفي على وضعه الساكن  ويطول الصمت  وأنا صمتي كثير كأيامي الفانية  من دون بصمة أو ايقاع أو إثارة أو همسة حانية  عدلت أوتار قلبي على ساعتها العاشرة أحببت ذلك الامتلاء  أحببت مشاحنات عابرة أحببت تلك النبرة في صوتها وودت لو أنها امتدت إلى ما لا نهاية  وددت أن تكون رفيقتي  وأن تكتمل حياتي بوجودها  ولكن محابسي أنهكتني وهواجسي تلك التي نشأت مع كل يوم تأتني فيه على الساعة العاشرة كبرت وصارت كغول الأقاصيص تلتهم عالمي وأنشبت مخالبها في قلبي حتى أدمت فؤاده وانتزعت مني ساعة سعادتي العاشرة ورطتني في ساعتها  ثم كان الرحيل المرير وكان البكاء والنشيج آخر كلمات ساعتها الأخيرة  وكنت أنا من طلب الرحيل فطريقي مازال ترابا  والأحجار تدمي ساقها  وهي لا تقدر على المواصلة أفلتها كطفل رق لرؤية عصفوره الجميل مسجونا في قفص لا يطير أو كزهرة مزروعة في أصيص يمسك جذورها  يمنع عنها الترعرع و الانسياب  ولكن حين تأتي ساعتها  الساعة العاشرة  يحن قلبي للانغماس في تلك التفاصيل الصغيرة  وأشعر أنني نخلة خاوية على عروش

طائر صغير

  طائر صغير هذه الليلة مفعم أنا برغبة شديدة في البوح قلبي يخفق كجناحي طائر صغير يتعلم الرفرفة لأول مرة أحاول أن لا أقع في الجرف الذي أحدث بين أضلاعي كي لا يأكلني وحش الظلام الجشع انه يتربص بي عند ناصية السقوط  يريد أن يجرب مذاقي بعد أن نبت ريشي الجميل جناحيّ يصارعان للصمود وحمل وزني المثقل بالهروب ألتفت لعشي الذي غادرته طوعا أرى العودة لمنطقة الراحة صار مستحيلا  في الوراء ضفة لا رغبة لي في معانقتها مرة أخرى قصصت حبلها السري ودفنت سرتها في هاوية سحيقة الآن أنا انسان جديد  يناضل من أجل طريق شيّد بداياته بكثير من الصبر والمعاناة لا يحب أن ينزع فأسه ومعوله من يده  رفشي الذي كسرت يده عند إزاحة أكوام العقبات  استبدلته بآخر مصنوع من صلب لا تلينه ضربات الدهر ولا تنهكه أيام السنين أكابد لأصنع ضوئي الذي لا ينطفأ  وأتخلى عن شموع كثيرة فانية  تأتي لتنير ساعة زمن  وحين تهب ريح الصعوبات لا تلبث إلا قليلا ثم ترخي رأسها منهكة مستسلمة  أراود الأحلام التي أطلقت نجماتها صغيرا  أريد أن ألتقط ذلك الخيط الذي تتركه في الفضاء كذيل فرس جموح أو كشريط طائرة ورقية لعب بها الأطفال وانقطع خيطها فحلقت متباهية بجماله

فراق محدق

 فراق محدق عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالدموع  حين حررتها من عجزي ومحابسي  وأطلقت قلبها من بين أصابعي سمعتها وقد سالت عبراتها الحارة على خدها الأسيلِ تطلق زفرة  وتئن من هول الفراق المحدق تنظر بعين المستراب للأفق البعيد  ويهتز فؤادها المتيم للخبر الفاجع عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالدموع حين فكرنا في أيامنا الآتية والمصاعب وتحدثنا عن سبيلنا إلى أين يذهب؟ أإلى اللقاء والتمتع بحب جارف؟ أم إلى فراق دونه عديد الحواجز  حررتها من قبضتي  أردتها كعصفور الربيع المحلق يصفر بألحانه حيث يشاء  وينزل على غصن أخضر يعانقه  لا أن يبنيّ عشه على عود يابس  أردتها أن تستوطن قلبا ينبض جسمه بالحرارة  ولكنها عز عليها التحليق بين غيوم السماء السابحة وتشبثت بالبقاء حتى وإن  لم يكتب لنا قرب أو لقاء  أو حتى إن باعدت بنا السبل والفيافي  وتعاظمت العوائق والمصاعب عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالبكاء  حين أطلقت سراحها من عجزي ومحابسي وبكت وهي تودعني لليلة ثانية  فسالت لدموعها بنات عيني  وزفرت من أعماقي ثقل تلة  أو جبل رزح لدهر فوق أنفاسي وجذبت قلمي أحبر لحظة لعلها تبقى ذكرى إن تخلفنا عن الم

فرصة للتسكع

 فرصة للتسكع بت لا أفعل شيئا  أتسكع كمتشرد فقد بوصلة قلبه لا يهمه إن اتخذ منحى تصاعديا  أو أن ينزل في سقوط حر  المهم أن يتخفف من هكذا شرود للذهن  أن يحس أنه فاعل  وأن الحياة رغم مطبات طرقاتها  مازالت تعطيه فرصا أخرى للتسكع الآن أصبح كل شيء غير ذي بال أن تتعرى هكذا على قارعة طريق الحروف  أن تخرج كالوليد الصغير للضوء  وتغمض عينيك وتصرخ ملء صدرك وأنت عار إلا من رداء من معاني تهرب بين فيافي المعاجم  تدخل لب البحث المستمر عن التجديد  تسارع للخروج وأنت مشوش التفكير أأنت من ولج عميقا كغطاس يكتشف سبر ظلمات المحيط أو كمستغرق في حلم ثقيل يخنق فيه أحدهم أنفاسك بت لا أفعل شيئا سوى الاسترخاء ليلا ونهارا  أو الإبحار دون سفينة أو ربان  هكذا في قوارب من قش الأحلام  أو من ورق مقوى أصنعه من شغفي الأثير وحتى لا يبلله الماء  وحتى لا يغرق في بحور الأوهام  لا ألقيه في يم الرتابة البغيض أتسكع روحيا بين العوالم والأكوان وأجلس هنا بين جدران محبسي أفني الأيام  في التجول والترحال ___________________________________________ بلال عرباوي ٢٠٢٠/١١/١١

من أنا؟

 من أنا؟ من أنا؟ ولم اخترت أن أكون كاتبا؟ هل فعلا اخترت أن أكون كاتبا أو وجدت نفسي في هذا الحقل دون سابق تخطيط؟ أنا الكاتب لهذه الخواطر التي تأخذ من حياتي ليقرأها المتابعون فيتلذذ البعض حلو الكلام، و يمتعض البعض الآخر و لكني أبدو سعيدا بعد كل خاطرة أخطها، أو مقال أكتبه أو قصيدة أدون أبياتها وأنغم إيقاعها. لست غير هاوٍ، أنظم الكلمات إلى بعضها وأرصف الحروف لأشيّد بناءات من جمال وصروح من معاني. لست غير متعثّر في ردهات اللغة ومضاربها، أجوس أقسام النحو والصرف فأسقط في تصريف هنا و أخطئ في إعراب هناك و لكني أعيد الكرّة وأكتب من جديد. سحرتني ردهات البلاغة وأخذتني مسارب الفصاحة فأصبحت مريدا اللّغة و مخلصها.     في البدء كان لي حلما بسيطا لم يشتّد عوده لأنني لم أسقه بما يكفي لينبت ويطل برأسه معاندا ويأخذ روحي أسيرة عنده.  كان هناك في ركن قصي من قلبي، يسترق ما يبقيه حيا من عصارة فؤادي ويتوارى وراء أحلام كبيرة غطت بظلالها بُرَيْعِمَهُ الصغير، الغض الطري. فكيف له أن يصارع تلك الأماني الكبيرة المتوحشة التي استحوذت على كل تفكيري؟ ولم تترك له غير فتات من فؤاد يرشح على تربته ليبقى أخضرا دون أن يصّعد بر

كلمة وكلمة

كلمةو كلمة يظل عالم الكتابة والأدب عالما زاخرا بالمواهب والأصوات الطموحة لترك بصماتها وأثارها فيه، ويبقى مطمح كل من به مس من شياطين الكتابة أن يبرز حرفه بين حروف عديدة سبقته وأخرى لاحقة ستزاحمه المكان والهدف ومن بين هؤلاء الكتاب الذين يسعون لترك أسمائهم في عالم الورق والحبر نتعرف اليوم على كريمة العباسي، كاتبة برزت مؤخرا في صفوف الكتاب التونسيين وبدأت تخطو خطواتها الأولى في مشوار طويل مليء بالأفكار والإحساس والتعب . في البداية ولنتعرف أكثر عن الكاتبة نسألها سؤالا كلاسيكيا معتادا في هكذا حوارات أدبية ونقول من هي كريمة العباسي؟! - هذا السؤال بالذات يربكني لأنني لا أجيد تعريف نفسي..سأقول أنني أشتغل بالتعليم ..أمّ وربما كاتبة مبتدئة حاليا ماذا تقرأ كريمة العباسي ولمن؟ وهل هناك أسلوب أثر فيها؟ -صراحة أقرأ كل ما يقع تحت يدي..ليس لديّ خطوط حمراء مع الكتاب...يشدني الأسلوب المربك.. الأسلوب المشاغب الذي يجعلني أترنح وأنتشي من خلال الصفحات... وتضيف الكاتبة متحدثة عن كاتبها المفضل والأسلوب الذي يأسرها قائلة  كتب حنا مينة صراحة تعجبني كثيرا ..أسلوب بسيط ولكن بطريقة مستفزة.. كريمة والكتابة ماذا تقول

نبش في الروح

 نبش في الروح يخزني شعور الكتابة العظيم  أحاول أن أمسك بتلابيب الحروف  وأنسج منها ثوبا رقيقا أو أغزل من خيوطها لوحة  يسر لها الفؤاد وتأسر الناظرين أحاول بناء ذلك الصرح المدعم وأنحت من الكلمات رصفا متينا لتعلو الكتابة ذراعا ذراعا  كحصن مشيد من الغابرين  محاولا طرق أبواب الصمت  والتوغل في ثناياه كثيفة الظلام  أسعى لكسر رتابة محيطة  كأفعى الكبرى تلوي عنق الأيام وتمتص طاقة النهار النشيطة  وتغرقها في بحر من هلام أطفو كاسفنجة صغيرة  أو كزروق فك مرساه والناس نيام أخذني المد إلى مسارب شتى  وأغلق أمامي باب الالهام أدور في ثنايا نفسي بحثا عن نقطة ضوء  أو شعاع مخفي بين كتل الظلام أسترجع ذكرى البدايات  وتدفق النشوة المسترسلة وسيلان الكلام والآن أحاول العطف على تلك الأوقات لأجول في أزمان السلام وأخرج منتعش الروح منشرحا  أروم الطيران بأجنحة الأحلام  لأغزو مناطق جديدة  وأكتشف دواخل نفسي المكتفية بالصمت بدل الكلام. ___________________________________________________بلال عرباوي ٢٠٢٠/١١/٠٢

أفر إليك

 أفر إليك

يتوه الكلام

يتوه الكلام يتوه الكلام عني  وأدخل في متاهات الصمت القاتل قلمي أنيس وحدتي يهجرني وحبري صار غورا لا أستطيع له وصولا ورقاتي البيضاء وصلت سن اليأس من الخصوبة وأنا شريد الروح والشغف يتوه الكلام عني  يغادرني كمجذوب ويهرب مني أحاول أن أستدر قطراته بالحب، بالفن يتمنع ككاعب لم يمس شغافها حب أترك للأيام حبل المسير  لعلها تشكم جماح هروبه المتكرر يتوه الكلام عني  أحاول البوح بما يختلج فيّ ولكن النبع صار سحيقا  ودلوي لم يصل جوفه  لأعب من صافي الألحان  وأسكب من قرارة نفسي عذبا  يترقرق في مدواتي لأكتب  هنا روحي الساكنة تنآى  تحت وطأة الخَدَرِ وغاب عنها الصوت الذي به تنطق  لتسلوَ وتبوح بما فيها من سر  يتوه الكلام عني  ويختفي في غياهب الصمت  وأرزح لفراغ كثقب أسود يبتلعني ___________________________________________________بلال عرباوي ٢٠٢٠/١٠/٢١

تغير ألوان

تغير ألوان كانت الألوان شاحبة ورغم الشعر والكتابة  والمثابرة على قراءات جديدة لم تزدن بلونها الطبيعي  ولم تكن صافية  كانت تنقصها لمسة حانية  ضربة فرشاة  أو سحنة فنان باسمة  كانت روحها بالية حين أشرقت الشمس ذلك الصباح كانت المفاجأة  حمل اليوم الجديد أخبارا سارة  وامتزجت ألوان الطيف بقطرات مطر دافئة  هطلت لتخلط تلك الحمرة وتصيّرها قانية  وليبكي معها القلب بنقاط دماء حارة  تضج بها الأوردة  وتتفتح لها السحنة الباهتة  وتخط بفرشاتها مشهدا لذيذا نابضا بالحياة تغيرت الألوان لتصبح أكثر حدة  وارتعش المشهد بنشوة لذيذة  وارتمى الفنان بين أحضان الطبيعة راقصا عابثا بأدواته كطفل صغير يبتغي مسك فراشة حائمة أما أنا المتابع لهكذا تطور في مشهدي  لم أبارح صمتي الضاج بالمعاني واكتفيت بالمشاهدة  حتى نفرت الألوان من لوحتي وتسربت لقبضتي، فعنقي ووجنتي  واحمرّ وجهي بالدماء الملونة  وصرت قلما حاملا لرؤوس بألوان طيف مختلطة حينها نقرت كفي على محمل أبيض  وخططت بماء يسري بين نبضة ونبضة  خلاصة تغيّر الألوان . ______________________________________________ ✍ بلال عرباوي ٢٠٢٠/