التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

بنيان من لهفة

 بنيان من لهفة   مازال طيفها يسكنني بقايا صوت تتردد في أذني وتلك الرنة الّتي تصدرها ضحكتها مازالت تنخر عظمي مازال خيالها يلبسني يلتحف روحي المتعبة  ويزيد في ألمي  ويزيد في وجعي أحاول أن أنسى أن أتلهى عن زمن قد حفر بأنياب من عشق أخاديدا موغلة في النفس مازالت تلك الآهة الصادرة حين أوجعها تصريحي تستوطن صدري كسكين من ألم فيه قد غرس مازال الحنين يعيد إليّ الذكرى وتلك المصادفة اللذيذة الحلوة مازلت أهرب إلى الخيال يحصنني حين يستبد بي شوقي للحبّ أحارب كي أمضي في درب جديد يشغلني عن التذكر والحزن عن النبش في أحافير الأيام الهاربة  عن القعود على هضاب الطلل المنسي  عن الرسائل المودعة في صناديق الأفئدة مازالت روحي معلقة  ومازالت موقدة ناري أزاميل قد دقت بين أضلاعي  لم تنسف أسافين الهجر مواقعها تقاطرت منها روحي شاردة والتصقت ببنيانك المشيد من لهفة مزال الحنين يسكنني  وبقايا صوت يتردد في أذني. ____________________________________ بلال عرباوي    ٢٠٢١/٠٣/٠١

القدوة الحسنة والشهرة السريعة

  القدوة الحسنة والشهرة السريعة ١٠٠ ألف منقطع عن التعليم في تونس سنويا رقم مفزع إذا ما قرن بأسباب أخرى ومنها خاصة غياب الطموح الدراسي والنظرة السوداوية للشهادات العلمية التي أصبحت عبئا على حاملها ومنه انطلق الشباب في تحصيل الشهرة والاقتداء بعالم الافتراضيين الشاسع.   إن التطور السريع للعالم وخاصة التكنولوجي منه جعل من طريق الشهرة طريقا قصيرا واستسهله الجميع لبلوغ الأضواء الساطعة والبرهجة اللامعة وهذا ما أثر على الجيل الصاعد الذي رأى فيها طريقا مختصرة وهدفا سريع التحقق على عكس الارتقاء العلمي والنبوغ الفكري ولئن كان الإبداع ضرورة ثقافية وحضارية فإن تتفيهه وترذيله يعبر عن ثقافة منتكسة وقاصرة عن انتاج القيمة.  في تونس الحرية انتشرت الوسائط الاجتماعية بعد ملحمة ٢٠١١ لينعم الشعب بحرية تامة جسدتها طفرة في الانتاج الفني واكتساح عالم اليوتوبرز والمدونين والفنانين للمجال الثقافي وبما أن هذه المنصات سريعة الانتشار كان بروزهم صاروخيا وشهرتهم واسعة مما حدى بالجيل الأقل سنا تتبع خطواتهم وجعلهم قدوات ومقامات يريدون وصولها ومما زادة في الطينة بلة أن الدولة لم توفر لهذا الجيل أي أفق للدراسة والرغبة في

التسول من الشارع إلى أروقة الفايسبوك

 التسول من الشارع إلى أروقة الفايسبوك كنت منذ سنوات أتعجب من ظاهرة التسول الّتي انتشرت بكثرة انتشار النار في الهشيم وكنت أشاهدها بحيرة كيف لا؟! وأغلب هؤلاء قادرون جسديا على العمل وتحصيل قوتهم اليومي دون عناء "الطلبة" وإذلالاها المتكرر. المثير أن هؤلاء أو البعض منهم كان يصر على مساومتك في ما قد تجود به، حين يسألك رغيف خبز أو قارورة ماء أو غيرها، لا يرديها عينية وإنما يساومك لأخذ ثمنها نقدا وإن أصررت على شرائها بنفسك وتقديمها له يستكبر ويدير عنك وجهه ويذهب.  اللافت أيضا وجود الأطفال القصر والرضع في أحضان أمهات( أشك أحيانا أنهن لسن أمهاتهم) وتلك المناشادات الحادة والمبالغ فيها حتى تقطع نياط قلبك وتهز أركانك، فحين تستمع لإحداهن وهي تستعرض موهبتها في فن استدرار العواطف والضغط القلبي الذي تمارسه على إحساسك وفؤادك لتقود يدك صاغرة إلى ثنايا جيبك فتمدها بما جاد به عطفك ورحمتك لهذه "الأم" المعذبة ولطفلها اليتيم( أغلب صرخاتهن المؤلمة أنّ أطفالهن أيتام وبلا عائل) تتبين أنها نغمات محفوظة ومتكررة فما أن تبتعد عن هذه الّتي يُتِّمَ طفلها حتى تعترضك أخرى تعيد نفس المشهد والكلمات وكأ

قناع المنقار

قناع المنقار في ظل انتشار وباء كورونا والتزام شعوب العالم بارتداء الأقنعة الواقية أردنا البحث في تاريخها وتقديم نبذة عنها ومما شد انتباهنا القناع ذو المنقار والذي اعتمده دي لورمي الطبيب الفرنسي لاجتناب العدوى خلال طاعون القرون الوسطى الذي ضرب فرنسا والعالم بأسره. صورة توضيحية: قناع المنقار منشأه عند انتشار الطاعون في فرنسا سنة ١٦١٩ بحث الطبيب دي لورمي عن طريقة فعالة للوقاية من المرض وابتكر لباسا يحميه من التعرض لملامسة المرضى وهو عبارة عن لباس طويل مع قفازات وقناع مشمع وما خلد اسمه في التاريخ هو ابتكاره لقناع على شكل منقار طائر زوده بفتحتين ملأهما بأعشاب عطرية لظنه أنها تقاوم العدوى المنتشرة في الهواء. التسمية وهكذا سمي دي لورمي بطبيب المنقار وبقي اسمه مدونا على صفحات التاريخ وها نحن بعد أربعة قرون نطالع طريقته المستحدثة لتنجب العدوى ونثبت مرة أخرى أن الحاجة أم الاختراع وأن الكائن البشري عند وجوده في بيئة مناسبة لتفجير طاقاته الكامنة واستدرار زبدة قواه العقلية الّتي حباه الله بها يصبح كائنا مبدعا وفكرا وقادا وقلبا نابضا بهموم الانسان. _________________________________________________

بين الأمس واليوم

  بين الأمس واليوم الفراغ  بين الأمس واليوم صار مختلفا  أمس كنت وحيدا  أداعب عقارب الساعة بتخاذل أصلا لا أعرف في أي وقت أنا  الليل  لم يعد مهجعا وفراشا  ولم يعد ذلك الطائر الذي يحوم بسكينته علينا  بالنسبة لي  أصبح لغما مؤقتا ينفجر في قلبي كلما نامت الشمس اليوم صار الفراغ مضاعفا وكأنني ملأت صلصالا طريا  تخللني كصمغ النحلات العاملة  ثم اقتلعت من نفسي  كقالب جبس أو رصاص مبرد ولم أنس قنابل الوقت التي تأز رأسي والعطش الذي تمكن من حنجرتي  وكأن ريقي الذي اتبلعه صار جافا  أو كأنه امتص مع الصلصال الذي أفرغ مني هي، كانت ثورة وحربا  احتلت أوقاتي الخمسة  فراغي، صحوي، نعاسي، نومي وأحلامي  وملأت كل ثقوب روحي والآن أنا فارغ منها ومني وحتى الليل الذي كنت أفرغ فيه منابع روحي أصبح ثقيلا ككوكب مظلم لا شموسه تشرق ولا أقماره تبزغ _______________________________________________

ساعتها العاشرة

 ساعتها العاشرة هذا الوقت وقتها عدلت ساعتي العاشرة من الليل الطويل على ايقاعها حين تأتي ولا يأتي صوتها ويظل هاتفي على وضعه الساكن  ويطول الصمت  وأنا صمتي كثير كأيامي الفانية  من دون بصمة أو ايقاع أو إثارة أو همسة حانية  عدلت أوتار قلبي على ساعتها العاشرة أحببت ذلك الامتلاء  أحببت مشاحنات عابرة أحببت تلك النبرة في صوتها وودت لو أنها امتدت إلى ما لا نهاية  وددت أن تكون رفيقتي  وأن تكتمل حياتي بوجودها  ولكن محابسي أنهكتني وهواجسي تلك التي نشأت مع كل يوم تأتني فيه على الساعة العاشرة كبرت وصارت كغول الأقاصيص تلتهم عالمي وأنشبت مخالبها في قلبي حتى أدمت فؤاده وانتزعت مني ساعة سعادتي العاشرة ورطتني في ساعتها  ثم كان الرحيل المرير وكان البكاء والنشيج آخر كلمات ساعتها الأخيرة  وكنت أنا من طلب الرحيل فطريقي مازال ترابا  والأحجار تدمي ساقها  وهي لا تقدر على المواصلة أفلتها كطفل رق لرؤية عصفوره الجميل مسجونا في قفص لا يطير أو كزهرة مزروعة في أصيص يمسك جذورها  يمنع عنها الترعرع و الانسياب  ولكن حين تأتي ساعتها  الساعة العاشرة  يحن قلبي للانغماس في تلك التفاصيل الصغيرة  وأشعر أنني نخلة خاوية على عروش

طائر صغير

  طائر صغير هذه الليلة مفعم أنا برغبة شديدة في البوح قلبي يخفق كجناحي طائر صغير يتعلم الرفرفة لأول مرة أحاول أن لا أقع في الجرف الذي أحدث بين أضلاعي كي لا يأكلني وحش الظلام الجشع انه يتربص بي عند ناصية السقوط  يريد أن يجرب مذاقي بعد أن نبت ريشي الجميل جناحيّ يصارعان للصمود وحمل وزني المثقل بالهروب ألتفت لعشي الذي غادرته طوعا أرى العودة لمنطقة الراحة صار مستحيلا  في الوراء ضفة لا رغبة لي في معانقتها مرة أخرى قصصت حبلها السري ودفنت سرتها في هاوية سحيقة الآن أنا انسان جديد  يناضل من أجل طريق شيّد بداياته بكثير من الصبر والمعاناة لا يحب أن ينزع فأسه ومعوله من يده  رفشي الذي كسرت يده عند إزاحة أكوام العقبات  استبدلته بآخر مصنوع من صلب لا تلينه ضربات الدهر ولا تنهكه أيام السنين أكابد لأصنع ضوئي الذي لا ينطفأ  وأتخلى عن شموع كثيرة فانية  تأتي لتنير ساعة زمن  وحين تهب ريح الصعوبات لا تلبث إلا قليلا ثم ترخي رأسها منهكة مستسلمة  أراود الأحلام التي أطلقت نجماتها صغيرا  أريد أن ألتقط ذلك الخيط الذي تتركه في الفضاء كذيل فرس جموح أو كشريط طائرة ورقية لعب بها الأطفال وانقطع خيطها فحلقت متباهية بجماله

فراق محدق

 فراق محدق عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالدموع  حين حررتها من عجزي ومحابسي  وأطلقت قلبها من بين أصابعي سمعتها وقد سالت عبراتها الحارة على خدها الأسيلِ تطلق زفرة  وتئن من هول الفراق المحدق تنظر بعين المستراب للأفق البعيد  ويهتز فؤادها المتيم للخبر الفاجع عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالدموع حين فكرنا في أيامنا الآتية والمصاعب وتحدثنا عن سبيلنا إلى أين يذهب؟ أإلى اللقاء والتمتع بحب جارف؟ أم إلى فراق دونه عديد الحواجز  حررتها من قبضتي  أردتها كعصفور الربيع المحلق يصفر بألحانه حيث يشاء  وينزل على غصن أخضر يعانقه  لا أن يبنيّ عشه على عود يابس  أردتها أن تستوطن قلبا ينبض جسمه بالحرارة  ولكنها عز عليها التحليق بين غيوم السماء السابحة وتشبثت بالبقاء حتى وإن  لم يكتب لنا قرب أو لقاء  أو حتى إن باعدت بنا السبل والفيافي  وتعاظمت العوائق والمصاعب عز عليها بعدي وابتعادي  وتحشرج صوتها بالبكاء  حين أطلقت سراحها من عجزي ومحابسي وبكت وهي تودعني لليلة ثانية  فسالت لدموعها بنات عيني  وزفرت من أعماقي ثقل تلة  أو جبل رزح لدهر فوق أنفاسي وجذبت قلمي أحبر لحظة لعلها تبقى ذكرى إن تخلفنا عن الم

فرصة للتسكع

 فرصة للتسكع بت لا أفعل شيئا  أتسكع كمتشرد فقد بوصلة قلبه لا يهمه إن اتخذ منحى تصاعديا  أو أن ينزل في سقوط حر  المهم أن يتخفف من هكذا شرود للذهن  أن يحس أنه فاعل  وأن الحياة رغم مطبات طرقاتها  مازالت تعطيه فرصا أخرى للتسكع الآن أصبح كل شيء غير ذي بال أن تتعرى هكذا على قارعة طريق الحروف  أن تخرج كالوليد الصغير للضوء  وتغمض عينيك وتصرخ ملء صدرك وأنت عار إلا من رداء من معاني تهرب بين فيافي المعاجم  تدخل لب البحث المستمر عن التجديد  تسارع للخروج وأنت مشوش التفكير أأنت من ولج عميقا كغطاس يكتشف سبر ظلمات المحيط أو كمستغرق في حلم ثقيل يخنق فيه أحدهم أنفاسك بت لا أفعل شيئا سوى الاسترخاء ليلا ونهارا  أو الإبحار دون سفينة أو ربان  هكذا في قوارب من قش الأحلام  أو من ورق مقوى أصنعه من شغفي الأثير وحتى لا يبلله الماء  وحتى لا يغرق في بحور الأوهام  لا ألقيه في يم الرتابة البغيض أتسكع روحيا بين العوالم والأكوان وأجلس هنا بين جدران محبسي أفني الأيام  في التجول والترحال ___________________________________________ بلال عرباوي ٢٠٢٠/١١/١١

من أنا؟

 من أنا؟ من أنا؟ ولم اخترت أن أكون كاتبا؟ هل فعلا اخترت أن أكون كاتبا أو وجدت نفسي في هذا الحقل دون سابق تخطيط؟ أنا الكاتب لهذه الخواطر التي تأخذ من حياتي ليقرأها المتابعون فيتلذذ البعض حلو الكلام، و يمتعض البعض الآخر و لكني أبدو سعيدا بعد كل خاطرة أخطها، أو مقال أكتبه أو قصيدة أدون أبياتها وأنغم إيقاعها. لست غير هاوٍ، أنظم الكلمات إلى بعضها وأرصف الحروف لأشيّد بناءات من جمال وصروح من معاني. لست غير متعثّر في ردهات اللغة ومضاربها، أجوس أقسام النحو والصرف فأسقط في تصريف هنا و أخطئ في إعراب هناك و لكني أعيد الكرّة وأكتب من جديد. سحرتني ردهات البلاغة وأخذتني مسارب الفصاحة فأصبحت مريدا اللّغة و مخلصها.     في البدء كان لي حلما بسيطا لم يشتّد عوده لأنني لم أسقه بما يكفي لينبت ويطل برأسه معاندا ويأخذ روحي أسيرة عنده.  كان هناك في ركن قصي من قلبي، يسترق ما يبقيه حيا من عصارة فؤادي ويتوارى وراء أحلام كبيرة غطت بظلالها بُرَيْعِمَهُ الصغير، الغض الطري. فكيف له أن يصارع تلك الأماني الكبيرة المتوحشة التي استحوذت على كل تفكيري؟ ولم تترك له غير فتات من فؤاد يرشح على تربته ليبقى أخضرا دون أن يصّعد بر